شط بحر الهوى الجزء الاول سوما العربي
انت في الصفحة 1 من 43 صفحات
ثلاثية شط بحر الهوى بقلم الكاتبه سوما العربي
الجزء الأول
الفصل الأول
فى أحد الشوارع الجانبية لحى الغوريه العتيق.
كان صوت الكروان يشدو فى سماء الفجر الصافيه
صوته ينتشر مرفرفا على الحى كله.
حيث الهدوء يسيطر على المكان وعدد الماره قليل فى هذا الوقت من الصباح.
جلست تلك الفاتنه ذات الاربعه وعشرين عاما على طرف الشرفه العتيقه المطله على الشارع بابطابق الارضى يعزلها عن الشارع اسياخ من الحديد .
كأنها تريد لمسه والقضبان الحديديه تمنعها عنها.
اغمضت عيناها تتنهد بشجن...ثم فتحتهم من جديد وبعيها لمعة غريبه .
دق هاتفها يعلن عن الموعد الذي حددته على المنبه ظنا منها أنها قد تحظى بنومه عميقه .
لكن عبثا لم يحدث..ككل مره تذهب بها لمقابلة عمل جديد.
أصبح فراغ البيت يخيفها...يزاد ۏحشيه يوما بعد يوم.
خمس سنوات وهى وحدها منذ ۏفاة والدها الحبيب.
لم ولن تبرح ذلك البيت الذى عاشت به معه حيث ذكرياتهم الدافئة... إنها السلوى الوحيده لها .
اغمضت عيناها ثم اتجهت بخطى ثابتة تجاه عباءه صوفيه خلف الباب تحفظها بعناية كأنها قطعه من روحها تستنشقها وهى تغمض عيناها ستين ثانيه كامله .
تشعر يوميا بالضياع بدونه الحياة كأنها توقفت من بعده.
تقدمت تفتح احد الجارورات الخشبيه فى مكتبه القديم ..تضع يدها على كفها تكتم شهقتها وهى تتلمس فرشاة الحلاقه الخاصه به وبعض أدوية الضغط والكلى التى استخدمها بآخر أيامه.
امتدت يدها تتحسس مسواك اسنانه المهذب مازال يحمل تأثير يده بأخر مره قلمه به.
تتذكرها جيدا واحتفظت بها ... أنها تلك اللفه التى لف بها وجه والدها عندما توفى.
اڼفجرت بالدمع وذكرى تلك الليلة لم تناساها ابدا...مظهر والدها وهو يخرج من سياره اجرى على اكتاف رجال الحى ..وجهه مربوط بشاش ابيض وبأنفه قطن .
قست على نفسها كثيرا وهى تحتفظ بكل هذه الأشياء التي ستعذبها كلما نظرت لها .
حتى القطن والمسک المستخدم بالغسل احتفظت به ...تخفيه عن اى احد يمنعها أن تفعلانها الذكرى الاخيره من والدها لها.
تركت كل شيء بمكانه مجددا واغلقت المكتبه عليه .
تتحرك بخطى متوازنه ثابته لشخص يحفظ خطواته الماضيه والقادمة.
تدلف لغرفتها وتقف أمام المرآة ترى إنعكاس صورتها فيها..تعلم أنها ذات حسن نادر.. أبدع الخالق فيما صور.
جسدها متوسط الطول ممتلئ بعض الشيء ومتناسق ... بشرتها البيضاء صافيه ووجها مستدير بوجنتان حمروان ممتلئة وشفاه منتفخه .. عيونها من العسل الصافى وشعرها العسلى المموج يتطاير خلفها بجموح..
كانت جميله جدا وناعمه...او ....هكذا تبدو......
انتهت من النظر بإمعان الى نفسها وجمالها فى المرأه ككل يوم تتأكد فيه أنها جميله .
تأخذ نفس قوى وترفع انفها عاليا ثم تمسح دموعها بكف يدها.
تبتسم فى المرأه ابتسامه ملتويه غير محددة المعالم ثم تمد يدها بعزم تلتقط فرشاه من الكحل العربى تحدد بها عيناها ببراعه واحترافية لتنتهى بعدما تركت عينان تذبح اى من سيراها.
فتحت خزانتها المكونه من دلفتين ودرجان صغيران تخرج فستان اسود بأكمام من نفس القماش يزين المعصم بقماش ابيض وطوق صغير من نفس القماش الابيض حول الرقبه .
انه الزوق العام لها ..تجمع ما بين البساطه والفخامه بمزيج يطحن القلوب.
مستخدمه عيناها ذات اللغز الكبير والسر الغير قابل للإختراق.
قوة رسمتها سحبة عيناها اتساعهم ولون العسل الصافى مع الكحل الأسود بها يصنع نتيجة كارثيه عينان آسرتان لن يتسطيع اى من كان زحزحة عينيه من عليها.
لم ولن ترتدى يوما عدسات العين الملونه ..تصر أن تبدو جميله لأنها جميله ..كل ما يعرفها عادة مايخبرها أنها جميله نعم... لكن لعيناها جمال آخر .
لذلك تصر على عدم استخدامها ابدا...هى جميله لأنها جميله وليس اعتمادا على شئ آخر.
انتهت من وضع احمر شفاه بلون الخوخ خفيف اللون والدرجه لا يعطى بهرجة منفره فى المظهر .
بعدها بكل هدوء مدت يدها تضع حجاب طويل وعريض على شعرها تخفيه كله بلفه انيقه مريحه.
فتحت أحد الإدراج تلتقط ساعه بلون الجلد البنى تكمل به زينتها وعقد من لولي بيسط جدا يتدلى على صدر الفستان الاسود الساده .
وبنظره واحده فى المرأه رأت إنعكاس هيئتها الانيقه لترفع هامتها عاليت بثقه ..اليوم مهم جدا بالنسبة لها.
خرجت بخطى ثابتة نحو الشارع تلقى السلام على السيدة الثمينه التى تفترش الارض ولأمامها اقفاص خشبيه موضوع عليها أنواع مختلفه من النباتات الجرجير الخس البقدونس ومعها خضار الطماطم والخيار .
فترد الأخرى على تلك الفتاه عصرية الملابس انيقة المظهر لكنها قريبه من اهل الحى جدا لم تترفع عنهم يوما.
فتكمل سيرها وهى تلقى السلام على هذا وذاك وبعدها تلك.
الحى اصبح زحمه الى حد ما فى هذه