الفصل الرابع يا كل كُلي بقلم روز أمين
بسم الله ولا قوة إلا بالله
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
نوفيلا
«يا كُل كُلي»
بقلمي روز أمين
🔷الفصل الرابع🔷
شعرت بأنفاسها تنقطع وتكاد أن تزهق روحها وهي تتابع "علي" ينظر بشاشة هاتفها، جحظت عينيه وهو يري نقش اسم محمود عبدالله ليهتف متسائلاً بعد أن جذبها من خصلات شعرها واحكم قبضته:
إنطقي يا بت بدل ما أقتلك
إنتهى من سؤاله ليقوم بصفعها بقوة جعلتها تصرخ متأوهة،هرولت سامية لتحتضن نجلتها وتبعدها عن شقيقها الذي نهرها مجددًا بسؤالٍ غاضب:
-إنطقي يا فاجـ.ـرة
أجابته بمراوغة ونبرة متقطعة جراء شهقاتها المتعالية:
-هو اللي اداهولي يوم ما جالي عند الجامعة،قالي إنه هيكلم بابا وحابب يبلغني بموافقته بنفسه
جذب محمد الهاتف من يد نجله وأخرج الخط وقام بكسره ثم ألقى بعدة الهاتف بعرض الحائط لتنزل متهشمة،نظر لزوجته وتحدث بلهجة حادة:
-دخلي بنتك أوضتها ومن النهاردة ملهاش طلوع من عتبة البيت ولا حتى للكلية
نظرت إليه وأردفت بنبرة حزينة:
-إلا الجامعة يا بابا أرجوك، إلا الجامعة
إحمدي ربنا إني راجل بعرف ربنا وبخاف منه، وإلا كان هيبقى لي معاكي تصرف تاني... كلمات صارمة نطق بها محمد بصوتٍ غاضب وعينين تطلق شزرًا، ليقترب منها شقيقها ويتحدث بحدة:
أمسك ذراعها وكاد أن يصفعها مرةً أخرى لولا صوت والده الذي صدح من خلفه ليهتف ناهرًا إياه بعدما رق قلبهُ على صغيرته المدللة:
-خلاص يا علي
ليستكمل وهو يرمق صغيرته كي يُشعرها بمدى قُبح ما فعلت:
-وإنتِ، قولت لك ادخلي أوضتك ومش عاوز أشوف خلقتك قدامي تاني
هرولت بدموعها لتختفي خلف باب غرفتها لتحكم غلقه وتُسرع إلى الفراش لتُلقي بجسدها المُنهك فوقه ولتطلق بعدها العنان لدموعها الحزينة، بالخارج هتف محمد موجهًا حديثه إلى زوجته بطريقة غليظة:
على الفور أجابته:
-حاضر يا أخويا بس بالله عليك تهدي حالك ليجرى لك حاجة
رمقها بنظرة مشټعلة وتحرك عائدًا إلى الخارج مرةً أخرى، نظر لها نجلها ليهتف لائمًا والدته:
-شوفتي أخرة دلعك لبنتك يا ماما،ياما قولت لك خلي بالك منها وشدي عليها
كفاية تقطيم يا علي،أنا مش ناقصة يا ابني...جملة نطقتها سامية بانهاك روحي ليتحدث علي باستسلام قبل أن ينصرف إلى الخارج ليلحق بأبيه:
-أنا عارف إنك مش متحملة كلام ومع ذلك لازم أفكرك إن إنتِ اللي استهونتي في تربيتك مع الهانم لحد ما اتجرأت ووقفت تتكلم مع شاب غريب، ومش أي شاب، ده من العيلة اللي كان جدهم السبب في مۏت جدي
قال كلماته وانصرف إلى الخارج وعلى الفور هرولت سامية إلى ابنتها وما أن أغلقت الباب خلفها حتى صاحت بقهرٍ:
-عملتي إيه يا مقصوفة الرقبة، وإيه اللي بينك وبين ابن عفاف إنطقي
رفعت رأسها لتتطلع ببنيتيها إلى والدتها وتحدثت بضعفٍ شطر قلب سامية:
-حتي انتِ كمان هتيجي عليا يا ماما
وبرغم دموعها التي شقت صـ.ـدرها لنصفين إلا أنها اقتربت منها وقامت بجذبها من ذراعها لتهتف بحدة:
-إتعدلي كدة ويلا انطقي بكل اللي حصل،وإوعي تحاولي تكذبي عليا زي ما عملتي مع أبوكِ وأخوكِ
نظرت بعيناي والدتها فتيقنت أنها كاشفة ما بداخل روحها ولذا قررت الإعتراف بالحقيقة لتتحدث باستسلام:
-أنا هحكي لك على كل حاجة يا ماما
أخذت نفسًا عميقًا للإستعداد وبدأت تقص عليها ما حدث،وبعدما انتهت من السرد نظرت لها سامية وتحدثت لائمة:
-إيه اللي عملتيه في نفسك ده يا جنة، بقى يوم ما قلبك يدق،يسيب كل شباب العيلة والبلد كلها ومن بين زمايلك واللي اتقدموا لك ويختار ده؟!
وهو كان بإيدي يا ماما...نطقتها بدموعها المټألمة مما جعل قلب والدتها يلين ويحزن لأجلها وتحركت لتاخذها بداخل أحضانها، رفعت رأسها لتتطلع على والدتها وتحدثت بعينين راجيتين:
-كلمي بابا يا ماما وأترجيه ميحرمنيش من الجامعة،أنا ممكن أموت لو سيبت جامعتي
تنهدت سامية ونظرت لها لتتحدث بهدوء:
-متقلقيش،على ما ييجي ميعاد الدراسة هتكون الحكاية هديت شوية وساعتها هكلمه وأتحايل عليه
ثم استطردت بطمأنينة:
-وإحمدي ربنا إنك في أجازة أخر السنة وإلا كانت هتبقى مصېبة.
هاتف محمد الانصاري عبدالله التهامي وقص عليه ما بدر من نجله ثم قام باخباره عن ڠضب شقيقها الأكبر وقام بتحذيره إن لم يبعد نجله عن ابنته سوف يطلق العنان لڠضب علي وشقيقاه ليلحق بمحمود وحينها سيصبح الكل خاسر وما أشعل قلب محمد أن حكاية عشق إبنة الأنصاري وابن التهامية قد أشيعت بالقرية وبات الجميع يعلم بها بل ويتغنى بتمسك الفتى بغرامه،وبدوره وعده عبدالله بأن يفعل كل ما بوسعه لابعاد ابنه عنها لغلق الافواه، ذهب عبدالله إلى منزله وقام بتوبيخ ولده ونبه عليه أن يزيل من تفكيره ويعدل عن فكرة زواجه من ابنة الأنصاري وألا يعود لفتحه أبدا
لم يستمع محمود لنصيحة والده وحاول مرارًا أن يهاتف جنة وفي كل مرة يجد هاتفها مغلقًا حتى يأس وتيقن من أن والدها سحب منها الهاتف،مرت شهور الأجازة سريعًا وقبل بداية السنة الدراسية ضغط عبدالله على ولده وطلب منه بأن يقوم بخطبة إبنة لواء كي يضمن عدم تعرض نجله لجنة ويُثبت حُسن نيته أمام العهد الذي قطعه على نفسه أمام الأنصاري ولينأى بالعائلتين من بحر الدمـ.ـاء الذي كان حتمًا سيمتليء بدماء الأبرياء
عودة للحاضر
فاق محمود من شروده ليخرج تنهيدة حارة من صدره، أسند ظهره على التخت لينتبه حين أعلن هاتفه عن وصول مكالمة هاتفية ليرفع هاتفه وينظر بشاشته فابتسم بهدوء حين رأي نقش اسم صديقه المقرب سامح الذي تحدث بمجرد ضغط محمود فوق زر الإجابة:
-نايم يا حضرة الظابط ولا لسة صاحي؟
وتفتكر أنا ممكن يجي لي نوم في يوم زي ده يا سامح...كلمات نطقها محمود بقلبٍ محترق ليجيب صديقه للتخفيف عليه:
-هون على نفسك يا صاحبي وحاول تنسى علشان تقدر تعيش وتكمل حياتك
بالكاد انهى صديقه جملته ليهتف الأخر عاتبًا:
-إنتَ اللي بتطلب مني أنسي وأكمل حياتي يا سامح؟!
أمال لو مكنتش شاهد على قصة حبنا بنفسك!
أجابه بواقعية:
-كُنت شاهد وياما حظرتك إنتَ وجنة وقولت لكم بلاش تكملوا في السكة دي، بس للأسف مسمعتوش غير لقلوبكم وبس
واستطرد بنبرة بائسة:
-وأدي النتيجة،إنتَ وخطبت واحدة ڠصب عنك ومجبر تعيش معاها، وهي قلبها إنكسر وربنا يستر عليها وتقدر تستوعب اللي إنتَ عملته فيها
أجاب صديقه مفسراً:
-ما أنتَ عارف إني اضطريت أوافق على الخطوبة علشان أصون كرامتي وكرامة أبويا اللي إتهانت على إيد محمد الأنصاري
صمتٍ رهيب دام بينهما لمدة ثواني فاتت كساعات ليهتف هو متسائلاً:
-جنة عاملة إية؟
أجاب صديقه بنبرة حزينة:
-مش كويسة،شفتها من كام يوم وأنا رايح عند خالتي اللي ساكنة جنب بيتهم،
واستطرد متأثرًا:
-مش دي جنة اللي أنا متعود عليها، خاسة وعندها هالات سودا تحت عيونها، أول مرة أشوفها مهزومة بالشكل ده
إنفطر قلبه حزنًا وتحدث:
-ربنا يهون الفترة دي علينا إحنا الإتنين لحد ما أقدر أظبط الأمور
هتعمل إيه يا محمود؟!...نطقها صديقه بارتياب ليُجيب الأخر:
-هحارب علشانها طبعاً
زفر سامح وتحدث بنبرة حادة:
-كفاية قرارات متهورة وسيب البنت في حالها بقى يا اخي، كفاية اللي جرى لها من ورا موضوعك لحد الوقت، خالتي قالتلي إن أبوها حالف عليها مش هتكمل جامعتها
ظلا يتحدثا إلى أن أنهى المكالمة دون اقتناع محمود بكلمات صديقه الموصية بالابتعاد وغلق الموضوع نهائياً
******
مرت الأيام سريعًا وعادت جنة إلى جامعتها بعد عدة محاولات منها ووالدتها وأخذ محمد عهدًا من ابنته بالإبتعاد نهائيًا عن محمود وبدورها وعدته، مرت الأيام وجاء يوم حفل زفاف صديقة جنة بالثانوية العامة على أحد أقرباء محمود والذي أُقيم بإحدى قاعات الأفراح بالقاهرة الكبرى،سافرت جنة إلى شقيقتها ليلي للمبيت بمنزلها، ارتدت ثوبًا رقيقًا وتزينت ثم تحركت إلى قاعة الأفراح التي وما أن دلفت من بابها حتى اتجهت صوبها أعيُن الجميع لينبهروا بجمالها الخلاب،ومن بينهما صديقاي محمود في الداخلية علاء وأحمد والذي دعاهما لحضور حفل زفاف إبن عمه، اتسعت عيني علاء وتحدث بانبهار إلى صديقه المجاور أحمد:
-إيه البنت القمر اللي اقټحمت القاعة وقلبتها دي، البنت جمالها يسحر يا أحمد
ضحك صديقه ونظر له ليتحدث محذرًا إياه بعدما رأى حالة الإنبهار تطل من عينيه:
-ما تلم نفسك يا حضرة الظابط بدل ما حد من أهلها يشوفك وأنتَ هتاكولها بعنيك كدة ويروقك قدام الناس
طب ياريت حد من أهلها يشوفني، مش يمكن أصعب عليه ويجوزها لي...هكذا تحدث علاء ليسألهُ الأخر متعجبًا:
-يجوزها لك مرة واحدة،يا ابني هو أنتَ على طول كدة متهور؟
واستطرد متسائلاً:
-مش يمكن تكون متجوزة؟
لا مش متجوزة ولا حتى مخطوبة...نطقها سريعًا ليسألهُ الأخر متهكمًا:
-وعرفت منين بقى يا فصيح!
أجابهُ الأخر ساخرًا:
- مش لابسة دبلة لا في صباعها اليمين ولا في الشمال يا أذكى أخواتك
ثم استرسل وهو يعدل من ياقة حلته:
-أنا مش عارف اللي زيك قبلوه في كلية الشُرطة إزاي
تحدث أحمد بعدما رأى والدة محمود وزوجتي نجليها الكبيران وفتاة أخرى يلتفون حول طاولة بينما يجلس والدهُ مع أولاد عمومته حول طاولة كبيرة:
-تعالى نسلم على والدة محمود
أجابهُ علاء:
-خلينا لما محمود ييجي أفضل
ثم نظر بساعة يده وتحدث باستغراب:
-هو محمود إتأخر ليه كدة؟المفروض المأمورية خلصت من ساعة!
بالكاد أنهى جملتهُ ليستمع لرنين هاتفه ويتحدث بابتسامة ساخرة بعدما نظر بشاشته:
-ياريتنا كنا افتكرنا مليون جنيه
أما جنة التي ولجت لداخل القاعة وباتت تتلفت بين الحضور بحثًا عن صديقاتها، ابتسمت حين استقرت عينيها على المنضدة المتواجدون عليها تحركت صوبهم وتبادلن لتجلس بسعادة لكنها لم تطل بسمتها، فقد إكفهرت ملامح وجهها واكتست بالحُزن حين رأت من يجلسن بالمنضدة المقابلة لها، فقد رأت عفاف تجلس بصحبة زوجتي نجليها وفتاة أخري،تيقنت أنها خطيبة حبيبها من شِدة إهتمام عفاف بها وهذا ما جعل قلبها يشتعل من غيرته
خارج القاعة كان يقف صديقاي محمود علاء وأحمد ينتظران قدومه بعدما ابلغهما من خلال الهاتف أنه على وشك الوصول أمام القاعة،وما أن وقف بسيارته وترجل منها حتى تحرك إلى أصدقاءه يصافحهما بحفاوة ليتحدث إلى علاء:
- أحمد باشا، منور الفرح يا حبيبي
ليسترسل:
-أزيك يا علاء
أجابه بعينين هائمتين:
- زى العسل
تعجب محمود ليسأل أحمد متهكمًا:
- ماله ده كمان
ضحك أحمد وهتف ليخبره:
-فى بنوتة زي القمر جوه، وصاحبك من أول ماشافها حالف ليتجوزها
هتف علاء بحبور ظهر فوق ملامحه:
-البنت زي القمر يامحمود، عليها جوز عيون يسحروا،بما إنك صاحب الفرح تعالى عرفنى عليها
ضحك محمود وتحدث وهو يتقدم صديقاه:
-أدخل أدخل، شكلك هتودينا فى داهية
داخل القاعه كانت تجلس على الطاولة بجانب زوجة أخيه التي كانت صديقتها وتحبها بشدة وتعلم بقصة حبهما وكانت تتمنى زواجها من محمود والتي تحركت لتجلس معها بمجرد رؤيتها
دخل هو بطلته الساحرة ورجولته المعهودة ولباسه الميري الذي زاد من وسامته وهيبته،كانت تبتسم لزوجة أخيه قبل أن تقع عينيها على حبيبها وذلك لوجود الطاولة التي تجلس عليها فى واجهة القاعة
وما أن رأته حتى تزلزل داخلها وثبتت نظرها نحوه وظل قلبها ينبض بشده،وبرغم ما فعلهُ بها من تحطيم لقلبها البريء، إلا أنها بمجرد رؤيتهُ كانت تريد أن تجري عليه وتختبىء داخل أحضانه التى طالما حلمت بها وتمنت الدلوف لداخلها بالحلال
لكنها سريعًا ما وعت حالها وتصنعت البرود ونظرت لاصدقاءها وعادت تتحدث وتضحك معهم وكان شيئًا لم يكن
أما هو فما أن ولج للقاعة وهو يتحدث مع صديقاه والټفت ليرى محبوبته ليهتز قلبه طربا، واعترته نشوة بالغة، وأصبحت الدنيا لا تسعه من فرط السرور عندما وقعت عيناه على فتاة أحلامه التي طالما تمناها، ظل ينظر عليها بحنينٍ واشتياقٍ جارف،فقد اشتاق رؤية عيناها حد الجنون، استفاق على لكز صديقه لكتفه حيث تحدث ليُشير بعينيه صوبها:
- أهى البنت اللي بقولك عليها قاعدة أهي يا محمود،قمر، قمر اوي بنت اللزينة
نظر له سريعًا ليتحدث پغضب:
-تقصد مين؟
تحرك سامح إليهم بعدما رأى ولوج محمود للقاعة بينما تحدث علاء بهيام:
-البت اللى مشلتش عينك من عليها من أول ما دخلنا
هتف محمود بغضبٍ عارم ظهر بعينيه:
-إلا دي يا علاء، فاهم،إلا دي
تساءل علاء باستغراب:
- يعنى إيه إلا دي؟
قاطعه محمود قائلاً بحدة:
-اللى سمعته، مفيش واحد منكم مجرد بس يبص ناحيتها، مفهوم
علاء بعدما بات يعرف من هى تلك الفتاة بالنسبة إلى محمود وذلك لأن محمود كان قد قص حكايته مع جنة لاصدقائه:
- هى دى...
وقبل أن يكمل جملته قاطعه محمود بصرامة:
- ايوه هى
واستطرد:
-ياريت نخلص بقى ونقعد
تحدث علاء معتذرًا بخجل:
-أنا أسف يا محمود، مكنتش أعرف إن دي جنة
وأديك عرفت ... نطقها بحدة ليتحدث سامح بهدوء كي يهدأ من روع صديقه:
-حصل خير يا شباب،يلا بينا نقعد علشان عيون الكل علينا
تحدث أحمد كي يغير مجرى الموضوع:
-تعال الأول نسلم على مامتك، مش لطيفه ندخل ومانسلمش
بالفعل توجه جميعهم إلى طاولة والدته التى وما أن نظر صوبها حتي اهتز قلبه وڠضب كثيراً بعدما وجد سارة خطيبته تجاور والدته، تحرك إلي الطاولة ونظر لوالدته بنظراتٍ لائمة، في حين تحدث علاء إلى عفاف:
-إزي حضرتك يا طنط، وحشاني والله
أجابته بملاطفة هو وصديقه:
-بس يا بكاش منك ليه، لو وحشاكم بجد كنتوا سألتوا عليا ولو حتى بتليفون
عقب على حديثها علاء:
-ڠصب عني والله يا طنط، ما أنتِ عارفة شغلنا صعب قد إيه ومواعيده مش بأدينا
انتهى من كلماته ليتحدث أحمد مكملاً على حديث صديقه:
-المفروض حضرتك أدرى الناس بشغلنا يا طنط
ربنا يقويكم ويحفظكم يا حبيبي...كلمات نطقتها بحنو قبل أن تنظر إلى نجلها لتتحدث متعجبة بعدما رأت تجاهل نجلها وضيق سارة منه:
-مش هتسلم على خطيبتك ولا إيه يا محمود؟
باقتضاب تحدث وهو ينظر إلى سارة:
-ازيك يا سارة
لتجيبهُ بابتسامة تحت إحتراق قلب جنة التي كانت تراقب الوضع مع مراعاتها لعدم لفت الأنظار لها:
-إزيك إنتَ يا محمود.
حول بصره إلى الطاولة التي تجلس حولها جنة وتحدث متعللاً بزوجة شقيقه:
-هروح أسلم على مُنى
تحرك تحت استياء عفاف وتحدث وهو ينظر إلى جنة بعينين متشوقتين لكل إنشٍ بوجهها:
-إزيك يا مُنى
رفعت منى بصرها إليه لتتحدث بنبرة سعيدة لأجله:
-حمدالله على السلامة يا حضرة الظابط، جيت إمتى؟
أجابها وهو يمرر عينيه على كل إنشٍ بوجه حبيبته حيث اشتاق للنظر لملامحها حد الجنون:
-أنا كويس جداً، كويس خالص لما شفتك يا منى
وحشتيني... نطقها بصوتٍ يهيمُ شوقًا دون مراعاته للمتواجدات اللواتي نظرن عليه بتعجب وبدأن يتهامسن ويتلامزن فيما بينهن على ذاك العاشق الذي تحدث بعدما فاض به الاشتياق:
-إزيك يا جنة
رفعت بصرها إليه وبكل قوة وتحدي أجابته:
-أنا تمام جداً
أنا عاوزك ديماً تبقي تمام...نطقها بحنان لتصرف عنه بصرها دون اهتمام وهي تنظر بابتسامة سعيدة نحو باب القاعة مما جعله يلتفت سريعًا صوب الجهة التي تنظر إليها ليستشيط غضبًا بعدما رأي ذكريا يلج إلى الداخل مرتديًا زيه الخاص بلباس الشرطة المصرية ويتحرك صوب جنة مبتسمًا لها مما جعل الغيرة تُشعل قلب ذاك العاشق، تحدث ذكريا إليها بعدما بسط ذراعه ليصافحها تحت وهج قلب الأخر:
-إزيك يا جنة، عاملة إيه.
أنا بخير الحمدلله يا ذكريا، طمني عليك،أخبارك إيه...هكذا تحدثت إليه لتُشعل قلب ذاك الذي يكاد ينفجر من شدة غيرته وهذا ما أسعد قلب ذكريا عندما لاحظ احمرار وجه محمود فأراد أن يزيد من اشتعال قلبه أكثر ليتحدث إليها بما أحرق قلب الأخر:
-أنا تمام،بقول لك يا جنة،أنا هتصل بـ على أخوكِ وهستأذن منه أخدك معايا في العربية وأوصلك للبلد معايا أنا وماما
ابتسمت له وقبل أن تُجيبهُ هتف ذاك الحانق متسائلاً بنبرة حادة:
- وإنتَ توصلها بصفتك إيه ان شاء الله؟
إلتفت إليه وابتسم پشماتة ليجيبه:
-بصفتي خطيبها.
يتبع.