السبت 23 نوفمبر 2024

نزيلة المصحة بقلم ريناد يوسف

انت في الصفحة 6 من 72 صفحات

موقع أيام نيوز


الاوضاع وفضلت الدنيا ماشيه حلو لمدة ٨ شهور 
وبعدها ابتدت تصرفات سعاد مع الاستاذ قاسم تتغير 
وتكون بتودد اكتر واهتمام زياده واتصالات كتير تسأله عن صحته واكله وشربه واحواله.. وطبعا كأي انسان عاذب ماصدق لقي اهتمام من النوع دا ووحده تسأل عنه واتعود علي اهتمامها بيه لدرجة انها لو يوم ماكلمتهوش كان يبقي زي المچنون..

زياراتنا ليها كترت بأمر منه كان ياخدني كل يوم والتاني انا وود ونروحلهم وانا افضل الاعب الولاد وهما يقعدوا مع بعض يتكلموا بالساعات 
ونلاقيها فاليوم اللي نروحه عندها مجهزالنا اجمل اكل وكل الاصناف اللي بيحبها الاستاذ قاسم وهو كان يتبسط بدا جدا.. 
واليوم اللي مكناش نروحه كانت تجيب هي حسام وصنف اكل طابخاه للاستاذ قاسم مخصوص وتجيلنا بحجة انه عايز يقعد مع ود... وكالعاده اهتم انا بالاولاد وهما 
لغاية مافيوم كنت فالصاله وراهم بجيب لعبة حسام اللي كانت بيدور عليها وسمعتهم بيتكلموا وهما مش منتبهين لوجودي. 
سعاد قاسم انا مخنوقه اوي وحسه بديقه الناس ابتدت تتكلم عني وعنك وابتدوا يلاحظوا اللي مابينا.. 
قاسم باستغراب وايه هو اللي بينا اللي ابتدت الناس تلاحظه ياام حسام 
سعاد معقول مش عارف ايه بجد
مش عارف ولا بتكدب نفسك عموما ياقاسم حتي لو انت بتكدب نفسك انا مش هنكر مشاعري ومش هسكت اكتر من كده قاسم انا بحبك بحبك وعارفه انك عارف اني بحبك 
ومتأكده ان انت كمان بتحبني بس مش عارفه انت ايه اللي مش مخليك عايز تنطقها ولا تعترف بيها!!
قاسم ايوه ياسعاد بس.. 
سعاد بس ايه ياقاسم اتكلم. 
قاسم سعاد انا مانكرش ان فيه مشاعر ابتدت تتولد ليكي جوايا
لكني خاېف من آخرة الحب دا وخاېف من ارتباط رسمي وحاسس طول الوقت وانا بفكر فيكي اني بخون ذكري المرحومه مراتي.. 
سعاد معقول الكلام دا ياقاسم هو عشان تعيش حياتك اسمك بتخون مراتك انت لسه فعز شبابك وبصحتك واكيد مش هتكمل باقي عمرك وحيد وانا كمان زيك لسه فعز شبابى 
وغير كده نلم حسام وود تحت سقف واحد وتحت عنينا ونكون مع بعض دايما وكل واحد فينا يعوض التاني عن اللي شافه انت مشفتش حاجه من الدنيا ياقاسم ولا من مراتك اللي من اول ماتجوزتها وهي تعبانه وعمرها ماحسستك بطعم السعادة الحقيقيه وانا كمان اخوك سابني بدري وملحقتش اتهني معاه بشبابي. 
تعالا ياقاسم نسعد بعض ونلم شملنا وكده كده احنا عيله وحده ومش غرب علي بعض بدال ماتجيب وحده غريبه لود متعرفش ممكن تعاملها ازاي.. 
انت متتصورش انا حاسه بأيه دلوقتي وانا بعرض عليك نفسي وبرخصها بالشكل دا وان اي ست عندها كرامه متعملش كده لكن انا ياقاسم حطيت حبي فوق كرامتي ومفكرتش انت ممكن تقول عليا ايه بس دا عشان انا استنيتك كتير اوي عشان تتكلم وانت مبتتكلمش والايام بتعدي والعمر بيجري بينا وعايزين نلحق اللي فاضل منه.. هاه ياقاسم قولت ايه 
قاسم بتردد علي توتر آاا مش عارف والله ياسعاد.. طيب سيبيني افكر فالموضوع دا واستعدله نفسيا عشان دي خطوه مش سهله..
سعاد خد راحتك ياقاسم وتأكد اني هفضل مستنياك لآخر العمر.. 
هي خلصت كلامها وهو سكت وانا اتسحبت من وراهم ورجعت اوضة الولاد من سكات 
وانا بفكر ياتري قاسم هيرد عليها بأيه وبصراحه حطيت نفسي مكانه وشفت انه اسلم حل للولاد وليهم انهم يتجوزوا
وكمان بصراحه عشان الاستاذ قاسم زي ماسعاد قالت انه مشافش حاجه من مراته الاولانيه غير التعب وشيل الهم ولا اتهني معاها الا فالكام شهر اللي قبل الحمل واللي هما فبداية جوازهم ومن حقه انه يعيش.. 
بس للأمانه انا مكنتش برتاح لأم حسام لله فلله ولا كانت ريحها خفيفه علي قلبي ابدا مش عارفه ليه مع اني مشفتش منها غير كل خير.. 
بعد مامشيوا سعاد وابنها من عندنا لقيت الاستاذ قاسم قاعد لوحده فالصالون ومولع سېجاره وبيشرب فيها بسرحان وهو باصص لصورة فرحه هو وام ود وشكله مهموم
ومحتار..
قربت منه وقعدت جمبه وعشان مااحسسهوش باني عارفه هو محتار ليه وبيفكر فأيه فتحت معاه الموضوع بطريقه تانيه..
ابو ود.. مالك كفاله الشړ مهموم ليه
قاسم بتنهيده فيه موضوع كده شاغلني وبفكر فيه وبحاول ارسي فيه علي قرار ياكريمه وخصوصا انه موضوع

________________________________________
مصيري وهتترتب عليه حياة ٤ اشخاص.. 
طيب ايه رأيك تحكيلي اللي شاغلك ممكن اساعدك فى حله.
بصلي ومردش وانا كملت..
تعرف يابو ود الانسان فيه حاجات مينفعش ياخد فيها قرار لوحده ولازم يشرك حد معاه فقراراته دي وياخد رأيه.
اصلا كل انسان فالدنيا لازم يكونله شريك يبقي معاه طول الوقت وفكل حاجه.. شريك حياة يشيل مع الواحد همومه ويقسم معاه احزانه ويخفف عنه
قاسم باستغراب غريبه.. زي ماتكوني قريتي اللي فدماغي وعرفتي بفكر فأيه!
انا مقرتش ولا حاجه بس هي دي الحقيقه فعلا ولو كنت فعلا ابتديت تفكر فنفسك وفشريكه لحياتك فدا عين العقل واسمحلي ارشحلك وحده هي الانسب ليك وانت الانسب ليها 
وخصوصا اني شايفه قبول منها ليك.. الست ام حسام يابو ود.. 
اولا هتلم لحم اخوك وتحافظ عليه ثانيا هتعفها وتعف نفسك وتبقي كسبت فيها اكبر ثواب
ثالثا بقي حسام هيبقي طول الوقت تحت عينك ومش هتكون مضطر للشحططه كل شويه بين هنا وهناك.. 
انهت السيدة كريمه جملتها بضعف وصمتت فطالعها الطبيب حمزه وهي تجاهد لتلتقط انفاسها 
فقد تحدثت طويلا وارتعشت انفاسها فاغمضت عيناها قليلا والحقيقة انه قد بدأ يشفق عليها كثيرا فقد نال منها الاجهاد فقال لها مخففا
ايه رايك كفايه كده دلوقتي وتيجي آخدك تشوفي ود وتقعدي معاها شويه يمكن لما تشوفك تتكلم او تدي اي رد فعل ودي حاجه هتكون فصالحها وتخدمني جدا فاللي جاى. 
كريمه بفرحة غامره بجد يابني هروح لود بنتي واشوفها طيب يلا بينا قوام يادكتور
تبسم الطبيب حمزه علي سعادتها وحماسها وهم واقفا وتحرك معها الي داخل مبني المشفي متوجهين الي غرفة ود التي بمجرد ان وقفت امامها كريمه حتي تصاعدت دقات قلبها بحنين واشتياق وتعالت صيحاته مع فتح الطبيب حمزه للباب وقامت بوضع يدها علي صدرها تلجم حنينها الجارف 
حين لاحت لها ود من وراء الباب 
وهي تجلس علي سرير صغير متقوقعة علي نفسها 
واضعة رأسها علي ركبتيها بعد ان ضمتهم معا بعقد يديها حولهم 
وكامل تركيزها منصب علي تلك النافذة المقابله لها
ولم تعر اهتماما للباب الذي فتح او لمن دخل منه وكأنها في عالم آخر بعقلها وادراكها ولم يتبقي منها في عالمنا غير هذا الجسد الهزيل..
دلف الطبيب حمزه الي الغرفه اولا ثم دعا السيدة كريمه للدخول بحركة من يده وما ان تقدمت السيدة كريمه خطوتين ونظرت لود عن كثب 
حتي هرولت اليها في لهفة واشتياق ترجمتها دموع عينيها المتساقطه تباعا وما ان وصلت امامها حتي وقفت في صمت متأملة حال ابنتها التي لم تنجبها من احشائها ولكن حبها ولد من رحم قلبها 
واعتصر قلبها ألما وهي ترى مظاهر الحياة قد فارقتها تماما ولم يتبقي منها سوى انقاض ود..
اما ود فرفرفت بأهدابها حين حجبت عنها رؤية اوراق الاشجار المتراقصه من وراء النافذه وخيم بدلا منها سوادا 
فرفعت عيناها لتكتشف مصدره وما ان فعلت ذلك حتى ضمت حاجباها وتبدلت ملامحها لملامح طفلة صغيره قد عادت اليها امها بعد ان تركتها فى رعاية احد الجيران مدة طويله وافترقت عنها لأول مرة في حياتها.. 
فترقرقت الدموع في عينى ود لتهبط منهما دمعة لم تستطع الصمود اكثر 
حين دفعتها دمعة اخري لتستولي على مكانها لتدفعها اخري مما نتج عنه سيلا من قطرات الدموع المتدافعه والتي جعلت كريمه تجلس بجوارها سريعا فتلمها في احضانها 
لتشهق ود شهقات متتالية جعلت الطبيب حمزه يبتسم وهو يري علامات الحياة تعود الي جسد ود من جديد برؤيتها للسيدة كريمه.. 
ولاحظ حركة يديها وهي تتمسك بها بقوة كغريق قد مر بجواره جزع شجره..
رفع الطبيب حمزه الكرسي الحديدي وتحرك به خوفا من ان يصدر صريرا يزعجهم اذا قام بسحبه وابتعد به بعيدا وقام بوضعه في زاوية الغرفه وجلس عليه تاركا للاثنين المجال للتنفيس عما بداخلهم من اشتياق ترجم في هيئة دموع تتسابق من الاثنين وشهقات تتعالي حتي بدأت تظهر علي السيدة كريمه علامات اختناق 
فسارع الطبيب حمزه اليها وقام بفتح حقيبتها بدلا منها وهو يراها تحاول ذلك وكل محاولاتها تبوء بالفشل..
فأخرج بخاخ الرزاز وقام بوضعه في يدها لتسارع هي في وضعه بفمها والضغط عليه وكل ذلك تحت انظار ود المرتعبه والتي لازالت يداها متشبثة بثوب السيدة كريمه..
اقترب الطبيب حمزه من اذن السيده كريمه واردف لها هامسا بعد ان بدأت انفاسها تهدأ 
من فضلك ياام ود حاولي تهدي عشان هي كمان تهدى وارجوكي حاولي تخليها تتكلم وتقول اي حاجه اتكلمي معاها فحاجه تكون بتحبها او حاجه كانت بتفرحها عشان تتجاوب معاكي وتتكلم..
ردت عليه السيدة كريمه بإيمائة خفيفه من رأسها فابتعد عنها مبتسما وهو يراها بدأت بترتيب خصلات شعر ود المتناثرة
بعد ان مسحت بأطراف اصابعها قطرات الدموع التي استكانت علي وجنتيها وهمست لها بحنوا بالغ 
ودووده.. ود يابنوتي الحلوه خفي ياقلبي عشان ترجعيلي ترجعي لحضن لماما كريمه من تاني
خفي واوعدك هاخدك ونبعد عن كل الناس الوحشه
هنسافر بعيد انا وانتي وبس وهنروح فمكان جميل بيطل على بحر
مش انتي طول عمرك بتحبي البحر ياود احنا هنعيش جمب البحر وتفضلي تبصيله ليل نهار...
تيما قطتك حبيبتك بتدور عليكي فكل مكان اكيد عايزاكي تكوني جمبها وهي بتولد وتختاريلها اسامي ولادها وتربيهم وتهتمي بيهم زي مابتهتمي بمامتهم
عصافيرك كمان مش مبطلين تنطيط وتكسير فالقفص بجناحاتهم عايزين ياكلوا من ايديكي وتفضلي تتكلمي معاهم زي ماكنتي بتعملي..
ورودك اللي فالجنينه اللي زرعاهم بأيدك خلاص براعمهم قربت تفتح وعايزين لما يفتحوا يفتحوا عنيهم علي صاحبتهم اللي ادتلهم الحياة باهتمامها 
كل حاجه مشتاقالك ياود ونفسها ترجعيلها
لم ترد ود على ماكانت تقوله السيدة. كريمه الا بمزيد من الدموع والحسرات وشهقات تخرج عالية متتالية كانها تنفيس لبركان من ألم ېحترق داخل جوفها..
استمرت السيدة. كريمه فى الحديث مع ود وتكرار محاولات استدراجها للحديث ولكن للاسف قد بائت جميع المحاولات بالفشل وكان الصمت حليف ود.. 
التي كانت تشعر بأن أغلال تكبل فمها تمنعها من الحديث وكأن لسانها قطع عهدا علي نفسه بعدم النطق اوتاهت منه الحروف فلم يعد يستطع اليهم سبيلا.
تنهدت كريمه وهي تنظر لود بقلة حيله قبل ان تلفلفها في احضانها مرة اخري ونظرت للطبيب حمزه بيأس ولكنه اومأ لها برأسه يخبرها بأنه لا بأس
واخذ ينظر
 

انت في الصفحة 6 من 72 صفحات