نوفيلا حب صحفي بقلم فاطمة الالفي
انت في الصفحة 1 من 13 صفحات
المقدمة..
الكتب... أرفف الكتب... المكتبات... رائحة الورق
هو سجل لكل شيء أيضا تخطيط للمستقبل بين دفات الكتب ولكن هذه المرة ما نشأ بين أرفف الكتب هو أعظم بكثير..
فهو ليس كتاب لتاريخ أو الفلسفة وربما السياسة أو في علم اللغات_بل هذه المرة نشأ الحب.. الحب الذي أوقد المشاعر بين أرفف الكتب
القراءة غذاء العقل والكتابة غذاء الروح والخيال كلاهما يربطهما الهواية والشغف والإبداع
تولد الكتابة من رحم الۏجع ويولد الإبداع من رحم المعاناة
البيبليوفيليا هو المحب للقراءة المفرط في حب القراءة واقتناء الكتب هو الشخص الذي يمتلك شغف وشراهة التنقل بين صفحات الكتب هو الشخص الذي يقتني ويقتني ثم يقرأ كل ما يقتنيه. ويرجع بعض علماء النفس أن الفضول هو السبب الرئيسي خلف هذا النهم والإفراط. وعلميا لا يعتبر البيبليوفيليا مرض نفسي.
تعطينا الدنيا أجمل اللحظات لكنها تسرق منا أجملها و لا يبقى لنا سوى الذكريات العالقة بارواحنا ك ترياق الحياة..
تبعثرك الحياة هنا وهناك تبحر بك في أعماق الواقع تارة و تطفو معك في عنان السماء تارة أخرى تسعدك لحظات و تبكيك لحظات تحرمك و تعطيك تربحك و تخسرك تبهرك و تقهرك وهذا هو قانون جاذبية الحياة أما الحب فهو وحده قادرا على تغير سير الحياة بأكملها من الشقاء إلى سعادة حقيقية تهفا بها القلب
يوسفشاب في منتصف العقد الثالث من عمره طويل القامة ابيض البشرة بملامح هادئة عيون بنية وحاجبين كثيفين شعر اسود كثيف و ناعم وانف متوسط وفم صغير محاط بذقن وشارب يزيدان من ملامحه الرجولية التي تعطيه أكثر من عمره بسبب كثرة الهموم والمتاعب التي على عاتقه يرتدي نظارة طبية ورغم الأسى الذي يعانيه يوسف الا أنه يتميز ببسمة وجهه البشوشة يمتلك شخصية قوية جاد في التعامل زكي نقطة ضعفه عائلته مضحي من أجل الآخرين داعم لكل من حوله لديه مقدرة على مساعدة كل من يحتاج إليه.. .
تنهد يوسف داخل غرفته الصغيرة وهو يقف أمام المكتبة الخشبية التي صنعها بيده وهو مبتسما لذكريات الماض التي لولها لما كان واقفا أمام هذه المكتبة الضخمة التي تضم ألاف الكتب العلمية والروايات المفضلة وجميع أنواع الأدب.
لحظات الضغط لا تعني السقوط أما السقوط فهو ضعف
وهذه المقولة اتخذها يوسف نهجا لحياته لن يسمح لنفسه السقوط لن ولم يكون ضعيفا بل سيظل قويا مثابرا باحثا ومقبلا على الحياة الذي اختارها لنفسه.
وضع بخط يده على رف المكتبة مقولة العقاد التي هي جزء منه ومن عالمه الخاص
لست أهوى القراءة لأكتب ولا أهوى القراءة لازداد عمرا في تقدير الحساب .. وإنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة في هذه الدنيا وحياة واحدة لا تكفيني
سحب رواية من داخل مكتبته وأراد ان يعكف على مكتبه وينتهي الليلة من قراءتها وضعها على المكتب ثم غادر الغرفة ليدلف المطبخ ويصنع كوبا من الشاي فهذه ابسط عادة لديه يفعلها.
وبعد ذلك انهى أعداد الشاي وسكبه في المج الزجاجي خاصته وعاد إلى غرفته ثانيا وضع الكوب وجلس خلف مكتبه يمسك الرواية بعدما ضبط من وضع نظارته الطبيبة على مقلتيه وبدء في التركيز المنصب على هذه الرواية..
لم ينتبه يوسف للوقت الذي مر به وهو بين صفحاتها دون أن يشعر بملل او تعب وعندما أغلق الكتاب كانت بسمة ارتياح ترسم على تقسيم وجهه في رضا بسبب الرواية التي نالت أعجابه أغلقها واعادها لمكتبته ولكن في الجانب الذي تم قراءته ثم تذكر موعد مقالته الأسبوعية الذي يكتبها بالمجلة الخاصة به هو وبعض أصدقائه.
يوسف يعمل مصور صحفي للمجلة ويكتب مقالا اسبوعيا أيضا عاد يجلس ثانيا على مقعده ثم فتح حاسوبه وبدء في رفع المقالة عن مناقشة خطة التعليم ووضع بنودا يتمنى أن يجدها في الأعوام القادمة ويطلب من متابعينه مناقشة الأمر معه وكتب كل شيء خاص بحلمه في تطوير المنظومة التعليمة ثم نشر المقال ونظر لشاشة هاتفة ليجد الساعة الخامسة فجرا اخرج دفتره الصغير الذي دائما يدون داخله عدة نقاط يريد البحث عنها او مناقشتها في مقالاته وبدء يخط بقلمه عن الروايات والكتب التي يريد انتقائها من معرض الكتاب هذا العام وبالاخص أن معرض الكتاب بعد أيام قليلة وسيذهب بكاميرته الخاصة لكي يدعم الشباب من الكتاب والمؤلفين الجدد ونقش عدة خطوط عريضه داخل الدفتر ثم اغلقه ودسه داخل الدرج ونهض عن مقعده متوجها إلى المرحاض لكي يتوضئ ويصلي فرضه ثم يرح جسده الساعات القليلة المتبقية قبل أن يذهب ويباشر عمله بالمجلة..
على جانب آخر جلست فتاة شابه في الثلاثون من عمرها متوسطة القامة خمرية البشرة بملامح هادئة ووجه مستدير بعيون بنية وشعر أسود تواريه خلف حجابها الرقيق.
ذات شخصية هادئة طيبة مرحة لكن لديها مخاۏف كثيرة من الحياة وهذا بسبب ما عانته في حياتها الخاصة من مشاكل وصعاب ضعيفة الشخصية مترددة وتلك العيوب بشحصيتها تسعى دائما لكي تتخلص منهما الضعف والتردد لن يصلحوا لمواجهة العالم الذي نعيشه كأننا نعيش داخل غابة والبقاء سيظل للاقوى للاشرس فلا مكان الضعفاء في هذا العالم المليء بالخداع والاكاذيب والتصنع وشوش تبتسم لك وعندما تعطيهم ظهرك يطعنوك دون رحمة او شفقة.
ترتدي نظارة طبيبة أثناء الكتابة فقط فهي كاتبة روائية تهوى الكتابة بل تعشقها فهي جزء متجزء من حياتها لن تستطيع التخلي عنه الكتابة بالنسبة لها حياة أخرى تعيشها في عالمها الخيالي الذي تنسجه هي بحروف قلمها وأبداعها الخاص
تجلس خلف مكتبها مصوبة أنظارها على شاشة الحاسوب لتدق باناملها عبر لوحة المفاتيح وهي تنتهي من نشر الفصل الاخير من روايتها الإلكترونية وتختمها بكلمة تمت وتوقع أسفلها بقلم قطرات الندا
ثم أغلقت الحاسوب لتذهب في فراشها لكي تنام ولكنها تشعر بالقلق بسبب نشر أولى رواياتها الورقية حلمت كثيرا بتلك الخطوة وعندما بدء حلمها يتحقق وفرض نفسه على أرض الواقع تخشى الفشل تخاف أن تصاب الاحباط أذا لم تلاقي روايتها أعجاب القراء فتشعر بأن أحلامها تتبخر تتوجس خفية من القادم فالقادم بالنسبة إليها مجهولا جفاها النوم بسبب قلقها الزائد امسكت بهاتفها وقررت أن تتصفح موقع الفيسبوك لتلهي نفسها عن التفكير في الفشل في أول معركة تواجهه لتحقيق حلمها..
اليوم المنتظر
أستيقظ يوسف عندما تسللت أشعة الشمس الذهبية داخل غرفته الصغيرة ليفتح عينيه بكسل ثم نهض عن فراشه ليذهب سريعا إلى المرحاض لينعش جسده ويبدل ثيابه بعدما تذكر بأن اليوم هو أول أيام معرض الكتاب الذي يعشقه ويزوره كل عام لينتقي الكتب الذي خطط لشراءها من راتب الشهر الذي جنبه كله للكتب.
ارتدا يوسف تيشرت كحلي يعلوه جاكت جلدي أسود وبنطال أسود ثم انتعل حذائه الرياضي الأبيض ووضع نظارته الطبية على عينيه ثم وقف أمام منضدة الزينة الصغيرة التي توجد بجانب فراشه يمشط شعره ثم نثر عطره المفضل وسحب حقيبة الظهر وارتداها ثم وضع متعلقاته الشخصية من هاتف محمول ومحفظة نقوده داخل جيب سترته وعلق الكاميرا بعنقه لتتدلا على صدره ثم غادر الشقة بخطوات واسعة واوقف سيارة أجرة من أمام البناية لتقله إلى وجهته في حماس زائد فهو ينتظر هذا اليوم بفرحة صغير ينتظر قدوم العيد
داخل معرض الكتاب..
أكبر وأضخم المعارض الدولية الذي يضم نخبة كبيرة من عمالقة الأدب يأتي إليه الزوار من جميع أنحاء العالم حيث يتشارك ألاف من دور النشر ويضمم ملاين الكتب وأصدرات جديدة في كل عام صرح ضخم به عدة صالات كل صالة بها مئات من دور النشر المساهمة في أصدرات المعرض وكل عام يشهد على ظهور كتاب جدد في جميع مجالات الادب الروائي والقصصي والشعري وأدب الترجمة العالمية وأدب الفانتازيا والړعب والاساطير.
وقفت الفتاة أمام دار النشر المتعاقدة معها وهي ممسكة بين يديها أولى روايتها الورقية بفرحة عارمة لم تذقها من قبل بعدما وصلت لهدفها والان تحقق أولى خطواتها في سلم النجاح توافدت عليها بعض الأصدقاء لتستقبلهم بابتسامتها الهادئة يتبادلان بعض الأحاديث الطريفة ثم يلتقطوا الصور التذكرية لهذه الذكرى السعيدة التي ستظل محفورة في أذهانها كانت تأتي المعرض كل عام لتنتقي