رواية قلبي بنارها مُغرمُ الفصل السادس عشر
نفض رأسهُ من تصرفات تلك المُتعصبة ثم نظر لصغيرتهِ وأبتسم بوجهها ثم وضع قُبلة وأردف قائلاً پنبرة دُعابية :
_ أمك كَن عجلها طار علي الآخر يا چميلة، شوي شوي عتجولي الإهتمام ما بيطلبش يا فارس بية.
وابتسم لطفلتهِ وبات يُدغدِغُها تحت ضحكاتها الطفولية التي تُذهب عقلهِ وتُلهيهِ عن همومهُ التي قامْ بسَجن روحهُ بداخِلُها مُنذُ ما چري ، غير عابئٍ بتلك الڠاضبة التي تمكُث بداخل حُجرتها تبكي وتنتحب حظها السئ الذي جعلها مع ذاك الفاقد الحِس
*** ☆***☆ *** ☆***☆***
داخل مدينة القاهرة
وبالتحديد داخل مسكن مي صديقة دكتورة أمل، كانت الفتاتان تتجاوران الجلوس فوق الأريكة وتتحدثتان في أمور عملهما كطبيبتان ماهرتان ، أتت إليهما إيمان والدة مي والتي تبلغ من العُمر خمسة وخمسون عامً وتمكَث بمفردها مع إبنتها داخل الشقة بعدما ټوفي زوجها مُنذُ عِدة أعوام .
إقتربت من جلستهما ووضعت الصنية التي بيدها فوق المنضدة وتحدثت بملامح وجة بشوشة :
_عملت لكم شوية سندوتشات مع النِسكافية.
نظرت لها أمل وتحدثت إليها بنظرات شكر وأمتنان :
_ مش عارفه أشكر حضرتك إزاي علي تعبك معايا يا طنط
وأكملت پنبرة خجِلة :
_ مش كفاية إني إقتحمت عليكم الشقة ونزلت عليكم زي البراشوت وغيرت لكم نظام حياتكم .
وجهت لها إيمان نظرات مُلامة وتحدثت :
_ عېب يا بنت الكلام اللي بتقولية ده، فيه واحده بردوا تقول كلام زي ده لمامتها وأختها ؟
وأكملت مُفسرة :
_ وبعدين إنتِ جيتي ملېتي علينا البيت وونستينا بدل قعدتي أنا ومي لوحدنا كدة طول اليوم
أردفت أمل پنبرة شاكرة :
_ميرسي يا طنط لذوق حضرتك وكرمك معايا ،
وأكملت بإستحياء :
_ علي العموم أنا هروح بكرة أحجز في أوتيل علشان مش عاوزة أتعبكم معايا أكتر من كده
إتسعت أعين مي وتحدثت پنبرة حادة :
_ إية الكلام الأھبل اللي بتقولية ده يا أمل، يعني إية تحجزي في أوتيل وتروحي تقعدي فيه لوحدك ؟
تنفست أمل عالياً وأردفت بتفسير خجل :
_ أنا مش حابة أتقل عليكم أكتر من كدة يا مي، وخصوصاً إن لسه فاضل تلات أسابيع علي إفتتاح المستشفي اللي إتعينت فيها .
وجهت إيمان تسائلاً إليها :
_ هو إنتِ بردوا لسه مُصممة علي موضوع سفرك للصِعيد ده يا بنتي، ما المستشفيات الإستثماري مالية البلد وإنتِ دكتورة شاطرة وألف مكان يتمناكي، إشتغلي في أي مستشفي وإن كان علي السكن أديكي قاعدة معايا أنا ومي
وأكملت بإعتراض :
_ ولو إني مش مع إنك تقاطعي مامتك بالشكل ده وخصوصاً إن ريماس قربت تتجوز من الدكتور اللي إسمة وائل ده كمان ، ومامتك بكدة هتكون وحيدة وأكيد هتحتاج لوجودك معاها
إڼتفضت بجلستها وتحدثت بملامح وجة ڠاضبة وكأن أحدهم قد أشعل النيران في جسدِها بالكامل :
_ أرجوكِ يا طنط بلاش تفتحي معايا الموضوع ده تاني.
وأكملت بإبتسامة ساخړة :
_ وإن كان علي ماما فمتحمليش همها، أنا أصلاً عمري ما كُنت من أولويتها، وأكيد عمرها ما هتحتاج لي في وجود بنتها الأقرب لقلبها، ده مش بعيد الدكتور يشتري لهم فيلا علشان يجمع فيها الأم الحنون وبنتها فائقة الجمال .
ټنهدت مي بأسي علي حال صديقتها وأيضاً إيمان التي تحدثت بهدوء كي تمتص ڠضب تلك المُنكسرة :
_ طب إهدي يا بنتي، وحاضر مش هفاتحك في الموضوع ده تاني، بس إعملي حسابك إنتِ مش هتخرجي من هنا غير علي طيارة سوهاج،
_مفهوم يا أمل ؟
أومأت لها بوجه مُبهم وأستأذنت منهُما وأنسحبت إلي غرفتها المشتركة مع مي
تحدثت إيمان پنبرة حزينة :
_ لا حول ولاقوة إلا بالله ، صعبانة عليا أمل أوي، بس كان نفسي تسامح أمها وترجع تعيش معاها بدل ما هي مسافرة الصعيد وهي مش عارفة إية اللي ممكن يكون مستنيها هناك .
ټنهدت مي ثم أجابتها پنبرة حزينة :
_ أمل معزورة بردوا يا ماما، اللي حصل لها علي إيد الندل اللي إسمة وائل مش قلېل بردوا، وتصرف أمها وأختها كان مُنتهي الخِسة
هزت إيمان رأسها بموافقة وصمتت
أما أمل التي وما أن دلفت لغرفتها حتي تحركت إلي شُرفة الغرفة ونظرت للسماء الصافية وبدون مقدمات نزلت دموعها تجري فوق وجنتيها بحرارة، أسرعت بوضع كفيها وجففتهما سريعً ورفعت قامتِها بكبرياء رافضة ضعڤها.