الأربعاء 04 ديسمبر 2024

نزيلة المصحة بقلم ريناد يوسف

انت في الصفحة 71 من 72 صفحات

موقع أيام نيوز


الذي بدأ يضيق به حتي شعر أنه بدأ يطبق على أنفاسه. 
ونزل الي الشارع. وأخذ يتمشي وسط الناس كي يستطيع التنفس بشكل طبيعي. 
أخرج هاتفه. ونظر في ساعته. وقام بالإتصال بحسام..الذي أخبره أنه الآن قد إقترب من العنوان كثيرا. وأنها مسألة دقائق ويكون عنده. 
وأخبره حمزه بدوره إسم الشارع الذي هو فيه الآن ليمر عليه ويأخذه في طريقه. 

وأغلق هاتفه بعدها. 
وبالفعل ماهي إلا دقائق وظهرت سيارة حسام من بعيد. 
فتأهب حمزة لمواجهة اللوم و العتاب من حسام وحتي التوبيخ. 
ولكن ماحدث..أن حسام إستقبله بإبتسامة هادئه. وقاد به الي العنوان المنشود دون التفوه بأي حرف. 
ولم تخفي على حمزه السعادة التي كانت تشع من أعين حسام.
وتأكد من لهفته الواضحه.. أنه لا يهتم في هذه اللحظات..سوى بالوصول إليها فقط ولا شيئ دون ذلك. 
توقف حسام أمام المبني الذي أشار له حمزه عليه. ونزل الإثنان. 
وفي ثوان كان حسام قاطعا درجات السلم صعودا دون إنتظار. 
وحين وصل توقف أمام باب الشقه لاهثا. وقام بوضع يده فوق قلبه. مهدئا لضرباته التي أصبحت تشبه طبول الحړب من شدتها. 
أدركه حمزه أخيرا. ووقف بجواره. ونظر إليه بنظره معناها..أن يستعد ويتمالك نفسه وألا يتهور. 
وأومأ له حسام بتفهم. 
رن حمزه جرس الباب. ولم تمر سوى ثوان فقط وكانت كريمه تفتح الباب كأنها كانت خلفه. 
وما أن فعلت حتي وقفت متحجرة. بعد أن أطلقت شهقة عاليه حين رأت حسام برفقة حمزه. وقد تحولت ملامحها من شدة الرهبه كمن رأى ملك المۏت أمامه. 
تراجعت للخلف پخوف وهي تنظر في أعين حسام مباشرة. 
وقد جحظت عيناها وإبيضت شفتاها وهرب الډم من وجهها وشحب لونه في الحال من الصدمه.
وتبدلت أحوالها كليا. وكل هذا حدث في هذه الثوانى القليله! 
تقدم حسام منها. وهو تارة ينتظر إليها وتارة ينقل عينه في الأرجاء يبحث عن الأخرى. إلي أن رأها أخيرا تخرج من الغرفه.
وماإن رأته..حتي صړخت بفزع وبدأت ترجف پخوف مثل كريمه وأكثر. 
إقترب حسام من كريمه وهو يطالعها بنظرة شامته.
وقټلتها إبتسامته الساخره كأنه يخبرها أنها لن تفلت من قبضته أبدامهما حاولت
ونظرته هذه وحتي إبتسامته.. جعلت عيون كريمه تشتعلان قهرا من شدة الهزيمه. 
أما ود فقد إختلفت نظرته لها كليا. 
وتبدلت إبتسامته لأخري مشتاقه. وهو يتقدم إليها كي يضمها إلي قلبه فلا ذنب لها في كل هذا. 
ولكنه وقف مكانه حينما وجدها تبتعد كلما يقترب منها وبادلت شوقه ببرود شديد. ونظرات لهفته بنظرات بغض..
كأنها تخبره إنها لم تكن ترغب في رؤيته مرة أخري. 
أغلق الطبيب حمزه الباب. وتقدم هو الآخر.. إلي أن وقف أمام كريمه. وسألها وهو ينظر في عينيها مباشرة
ليه 
فردت على سؤاله بسؤال آخر
هو أيه اللي ليه 
فأكمل حمزه سؤاله
ليه تكدبي وتعملي كل الحوارات اللي عملتيها وازاي قدرتي تسبكي الكدب بالطريقه الإحترافيه دي
فتبسمت كريمه رغم كل مابها وأردفت وهي تنحني بجسدها الي الأمام قليلا وخفضت نبرة صوتها كي تمثل انها ستخبره سر خطېر
عشان إنت ساذج يادكتور. وقانون الحياة لا يحمي السذج. معلش تعيش وتاخد غيرها..
مع إنك كنت هتساعد أكتر من كده لو معرفتش الحقيقه. لكن يلا مش مهم. مسيري هشوف طريقه تانيه. واللي يدور ويفكر ياما يلاقي. 
بس هديك نصيحه لله مقابل اللي عملته معايا قبل كده وتعبك اللي تعبته. 
مع إني عمري مابدي مقابل لأي حاجه باخدها..لكن إنت ليك استثناء. 
إتعلم يادكتور تاخد من اللي حواليك علي قد ماتقدر.
إعلا حتي لو هتقف علي رقاب الناس. متفكرش غير فنفسك. وصدقني كل ماتفكر فنفسك وتكبر اللي حواليك هيزيدوا.
لأن الفلوس هي المنصب والجاه والسلطه. لاعلم ولا منصب بيدوموا الفلوس بس هي اللي بتدوم.
إنحني عليها الطبيب حمزه بطريقه مماثله وأردف رادا
على
ما قالت
دا قانونك إنت دا. وبيتصنف تبع قوانين الغابه. وبيمشيش غير مع الحيوانات بس.
أنهي جملته ثم إعتدل في وقفته وإبتعد عنها. وبدأ في إغلاق كل نوافذ الشقه. وإغلاق جميع الأجهزه إستعدادا للعوده بهم من حيث

________________________________________
أحضرهم. 
ولكن قبل أن يفصل الغاز عن الموقد..قام بتحضير قدح من القهوة في كوب كبير من ألاكواب الخاصه بالعصائر. وأخذه معه. وأغلق الشقه بعد أن خرج منها الجميع.
إستقل حمزه سيارته. وحسام وكريمه وود إستقلا سيارة حسام.
وإنطلق حسام عائدا
وقد أعاد ود لحضنه مرة أخري وكريمه لأسره مجددا. 
والأن فقط أصبح يشعر بالأمان. 
وبأن كل شيئ عاد الى نصابه الصحيح.
رافقه حمزه بسيارته طوال الطريق لم يتخلف عنه الي أن أوصله الي الفيلا 
ثم إكتفي بهذا القدر وأشار له مودعا. ورد له حسام الإشاره مبتسما وهو يراقبه يبتعد. 
طالع حسام ود بنظرة أخيره قبل أن يترجل من السياره
وبمجرد أن فعل ذلك.. حتى شعر بشيئا قاسېا يخترق جسده..جعله يختبر ألما لا يحتمل. 
ولم يحدث هذا الشيئ لمرة واحده..بل تكرر الأمر مرات عديده لم يستطع حسام عدها. وفي كل مرة نفس الألم يتكرر. ولكنه عرف أنها طلقات من رصاص قاس لا يعرف الرحمه. ولم يخلق إلا للأذي. 
كانت طلقات كثيره تأتي من كل إتجاه.. وكأن السماء تمطر رصاصا.
صړخت ود من هول الموقف. وأشار لها هو فور أن سمع صړختها بكل مايحمل من ألم.. بأن تنخفض للأسفل في دواسة السيارة 
ومن شدة خۏفها فعلت. وظلت عيناها متعلقة بهوعقلها لا يستوعب بعد مالذي قد يحدث! 
أما هو فنظر إليها نظرة مودع وهو يرى الډماء تفيض من جسده وټغرق ملابسه وفاض الدمع من عينيه وهو يطالع دنياه المتمثلة فيها لآخر مره وهو يعلم أنه لا تفصله عن مفارقتها سوى قليل من الوقت.
تلفت حوله وهو مستند بكلتا يديه علي باب السياره وهو الحائل الوحيد دون سقوطه علي الأرض في هذة اللحظه. 
ولكن صموده لم يدم طويلا فها هو يهوى أرضا مودعا عيناها المصدومه مودعا وجهها الجميل مودعا كل مافيها وكل ماعشقه وهام به وأودي بحياته للچحيم ثم للمۏت.
كل هذا حدث في ثوان معدوده. حتي لم يدرك العقل فيها مالذي حدث. 
هدأت الأجواء.. إلا من أنفاس ود اللاهثة پخوف ومن صرخات توالت بعد ذلك لم تعرف ود مصدرها. 
رفعت نفسها رويدا رويد لتستطلع ماحولها وتتأكد من الذي حدث توا وهل كان حقيقيا أم محض خيال. 
وحين نظرت للخلف صړخت بقوة وهي ترى كريمه مصاپة بطلق نارى في جبهتها تماما.
وبدا واضحا أنها فارقت الحياه. 
وتوالت صرخاتها وهي تميل بجسدها لتري حسام الممدد أرضا وقد فارقته الروح وأصبح چثة هامده. 
وعلى صرخاتها خرجت كلا من سعاد وسمر من الفيلا.. وماأن رأوا حسام بهذا المنظر
حتي وقعت الإثنتان مغشيا عليهم في آن واحد.
بعد مرور عامين. 
وتحديدا في مشفي الأمراض العقليه.. 
تجلس علي سريرها. تعاني من نوبة جديده من الهلع. أصبحت لا تفرق بين الحقيقه والخيال. تحاول الإنتحار باليوم عشرات المرات.
يأس الجميع من شفائها أو حتي تحسن حالتها. 
وسلم الجميع بأن لا علاج لحالتها. وخاصة بعد أن اعلن الطبيب حمزه ذلك وكتب تقريرا بأن حالة ود حالة ميئوس منها. وذلك بعد أن حاول معها بكل الطرق أن يعالجها. وتكون آخر حالاته. ولكنه للأسف فشل.
خفتت صرخاتها قليلا وهي تراه يختفي من أمامها بعد أن أدي مهمته اليوميه في جعلها ټصارع المۏت خوفا وړعبا 
ليحل محله ذلك الصوت الذي يتردد علي مسامعها منذ ان سمعته لأول مره..حينما أتي لها زيارة. الي المشفي..
صوت من أصر على رؤيتها.. وحين رأها أخبرها بصوته الأجش وهو يطالعها بتركيز بأنها تشبه أمها كثيرا.. والعجيبه أنها لم تكن تشبه أمها بالمره بشهادة الجميع ومن واقع الصور أيضا! 
فمن أين له ذلك الكلام! 
وزادت الغرابه أكثر في كل مره يناديها بإسم مصرية وقد كررها عدة مرات 
وأيضا حين أردف پقهر وهو يستعد للرحيل..جننتك كريمه وضيعت عقلك.. كنت خابر إن آخرتك هتكون سو علي أديها.
يلا ربنا يجحمها موطرح ماراحت. 
نعم هو ذلك الرجل الذي كان يأتي لكريمه بين الحين والآخر وكانت هذه المرة الآخيره التي رأته ود فيها فقد ذهب ولم يعد بعدها.. ولكنه زرع بداخلها الآف الأسئله.
ولكن في ذلك اليوم حمزه تبعه قبل أن يغادر المشفى.
وغاب طويلا ثم عاد بعدها ووجهه
لا تتفسر
ملامحه من التجهم. 
ونظر لها يومها نظرة تحمل الشفقه من ذي قبل ولم تعلم أيضا لماذا. 
ولكنها لم تهتم وقتها بشيئ ولم تسأل ولم تتفوه بكلمة واحدة من وقتها وحتي اليوم.
أما في مكان آخر.. 
أمسك الطبيب حمزه هاتفه ورد على صاحبة الإتصال سريعا وهو يتبسم
أيوه ياأمي.. حاضر ساعه بس وجاي..لأ مش هتأخر.. إديني الولد العفريت اللي بيتكلم جنبك دا. 
أيوه حبيبي إذيك.. أوعي تكون زعلت مامي ولا دايقتها ومسمعتش كلامها ازعل منك. 
صمت قليلا يستمع ثم اردف.. شطور حبيب بابي. يلا قول لمامي أول ماتخرج من الحمام.. إن بابي قرب ييجي ووصلها بوسه علي خدها قولها دي من بابي.
أنهي مكالمته. وأغلق هاتفه. وعاد للزبونه التي لازالت تقف حائرة لا تعرف أي الأنواع تأخذ. 
فقام بمساعدتها في الإختيار..بين أنواع عصافير الزينه المختلفه ورشح لها النوع الانسب لها..من حيث السعر والمواصفات والألوان التي تهوى النظر إليها. 
فأخذت الزبونه قفص العصافير بعد أن دفعت ثمنه. وغادرت المحل وهي سعيده.
وحتي حمزه أيضا سعد بإتمام هذه الصفقه الناجحه.
نعم أصبحت هذه هي مهنته فقد فتح محلا لبيع وشراء طيور الزينه والحيوانات الأليفه. بعد أن ترك مهنة الطب تماما. ورفض أن يعمل الا في هذه المهنه..التي بدت له أكثر المهن أمنا وأمانا علي عقله. 
فهو الآن أصبح يتعامل فقط مع الحيوانات والطيور الخرساء..التي لا تتحدث ولا تكذب ولا تخدع أو تخون. 
يتعامل مع من لايتطلب أمر فهمهم أي عناء. والأهم من ذلك..أنه لن يتسائل طوال الوقت.. حول إن كانوا كاذبين أم صادقين مثلما يفعل مع كل من حوله. فثقته بالبشر قد تلاشت تماما بعد كل ماحدث.
أغلق المحل أخيرا وعاد الي بيته الدافئ فهو أصبح لا يجد راحته الا فيه.
وسط من شعر إنهم عائلته. وأصبح هو لهم كل الدنيا. وعوضهم عمن غاب عنهم بسببه. 
وقرر أن يقوم هو بدوره وذلك تعويضا لهم عن خسارة هو السبب فيها.
ومحاولة منه لتخفيف إحساسه بالذنب الذي ظل ينخر في روحه طويلا حتي شعر إنه سيقضي عليه. 
وصل حمزه الفيلا. وترجل من السياره. وبمجرد أن دلف من البوابه..أتي إليه قاسم مسرعا. فارتمي في حضنه. وإحتضنه الآخر بشوق حقيقي. وتقدم وهو يحمله برغم كبر جسمه.. الى تلك القابعه علي كرسيها المتحرك..فقبل رأسها بعد أن ألقي عليها تحية ردتها له بكل سعادة وهي تردف بعدها 
حمداله ع السلامه
 

70  71  72 

انت في الصفحة 71 من 72 صفحات