الإثنين 25 نوفمبر 2024

لم يبقى لنا إلا الوداع بقلم منى أحمد حافظ

انت في الصفحة 17 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز

طول عمري بعاملك بما يرضي الله وكنت بعتبرك زي أحمد ابني وفتحت لك بيتي وأمنتك على بناتي وكنت فاكرك هتصون العشرة والمعروف اللي بينا لكن أنت لفيت من ورا ضهري وشاغلت بنتي ووقعتها فحبك ورغم كده سامحتك وأديتك فرصة تانية تثبت لي فيها حسن نوياك ووافقت تخطب منار وتكتب كتابك عليها وقلت أنك أكيد راجل زي والدك الله يرحمه وهتحافظ عليها لكن عرفت معاك إن القول حاجة والفعل حاجة تانية علشان القول للي شبهك بتوع مصلحتهم إنما الفعل للرجاله اللي أنت بعيد عنهم ولا تمت لهم بصلة.
زفر أمجد بحدة ورمقه شذرا فرفع شهدي حاجبه بتحدي وأستطرد قائلا
.. _ على فكرة أنا مش هخاف من نظرة الڠضب دي ولا من المركز اللي وصلت له بالدحلبة والضحك على الدقون ولا كمان يفرق معايا العنجهية الكدابة اللي محاوط بيها نفسك أنا جايلك راجل لراجل يا ابن المشير وخلاصة قولي ليك أنك لو مشلتش منار من دماغك وسيبتها فحالها وبعدت
عنها أنا هخليك تخسر الهيلمان اللي أنت عايش فيه وهعمل اللي بناتي استحرموا أنهم يعملوه فيك وهروح لحد بيتك وهفضحك قصاد حماك الدكتور ومراتك ومش كده وبس لا دا أنا هفضحك فكل مكان حتى الجامعة وعلى النت وهخلي أصغر عيل يبص لك باستحقار فاتقي شړ الحليم إذا ڠضب يا أمجد وأبعد عن طريق بنتي علشان مترجعش ټندم وأحمد ربنا أني سيبتك تروح لحال سبيلك من غير ما أحاسبك على اللي عملته فبنتي ووجعك ليها وقهرتها وكسرة قلبها.
أنهى شهدي قوله واستدار مغادرا وتابعه أمجد بعيون قاتمة وهو يلعنه وأشاح بوجهه أخيرا ليصدمه وقوف سامر على مقربه منه يحدجه باشمئزاز وقبل أن ينبث بكلمة غادره مسرعا بخطواته حتى لحق بشهدي وسار بجواره فالټفت شهدي نحوه ونظر إليه بحيرة فابتسم سامر ومد يده نحوه وصافحه قائلا
.. _ سامر عثمان مدير الشركة اللي بنت حضرتك بتشتغل فيها كنت حابب اتكلم مع حضرتك فموضوع مهم فإيه رأيك لو نقعد فأي كافيه ونشرب القهوة سوا
...
وما ربك بغفل عما تعملون 
ليته أدرك معناها وتدبره ولكنه طغى وافترى فما أن ولج أمجد مكتبه حتى التقط هاتفه وضغط بضعة أزرار وحين أجابه الطرف الآخر بادره بقوله
.. _ عايزك تطرد شهدي أبو منار من المصنع وتبلغ المعلم شكران يستغنى عن خدماته وتجمع كل الديانة اللي شهدي مديون لهم وتقولهم أني عايز أقابلهم ضروري.
أنهى أمجد محادثته وارتمى فوق مقعد مكتبه وأردف بكراهية
.. _ وماله أما نشوف هتاكل أنت وعيالك منين يا عم شهدي وأبقى وريني هتعمل إيه لما يقبضوا عليك بسبب إيصالات الأمانة اللي عليك.
وعلى الجانب الآخر جلس حمدان يحدق بهاتفه يحاول استيعاب كلمات أمجد فهو حين لجأ إليه عدة مرات لم يخيل إليه أنه سيطلب منه طرد شهدي نظير مساعدته له فهب على قدميه وسار نحو بوابة المدبغة فاستقبله شكران بالترحاب ولكنه ما أن وقع بصره عليه حتى ساله باهتمام عما أصابه فجذبه حمدان بعيدا عن السمع وقص عليه كل شيء.
توالت الأيام على شهدي حتى مر أسبوع وهو يبحث عن عمل من مكان لمكان فبائت كل محاولاته بالفشل فعاد يجر أذيال الخيبة إلى منزله بينما اتسعت ابتسامة أمجد الذي مل مراقبته وأرسل آخر بديلا عنه ليتابع سعيه الدؤوب للبحث عن عمل دون جدوى وها هو مراقبه يصف له المشهد الذي أرضى نفسه عبر الهاتف فأمره بملازمة شهدي كظله وأنهى الاتصال وسمح لسكرتيرة مكتبه بإدخال الرجال واستقبلهم بكبر وجلس أمامهم متفاخرا بنفسه وبادرهم بعرضه فتبادلوا النظرات بحيرة حتى قطع أحدهم الصمت بقوله
.. _ يعني حضرتك عايز تدفع كل ديون شهدي وكل اللي علينا أننا نسلمك إيصالات الأمانة
أومأ أمجد تأكيدا فزوى الرجل حاجبيه قائلا
.. _ معلش يا بشمهندس بس أنا عندي فضول أعرف أنت هتستفاد إيه لما تدفع فلوس معودمة زي اللي عند شهدي
لمعت عين أمجد پشماتة وأجابه بإيجاز
.. _ هستفاد كتير المهم أنا مستني أسمع ردكم موافقين تسلموني إيصالات الأمانة وتاخدوا فلوسكم ولا لا
فجأة وبدون مقدمات ولج ضياء الغرفة وجال بعينه بين الحضور حتى حط بصره على أمجد الذي هب على قدميه واتجه صوبه مرحبا فأزاحه ضياء بإهمال وتجاوزه متخذا مكانه على رأس الطاولة فازدرد أمجد لعابه لتصرفه الغريب واستدار مواجها الحضور وأردف بتردد
.. _ زي ما قلت لكم أنا هستنى ردكم ولو وافقتم هبعت لكم الفل.
ابتلع أمجد باقي كلمته حين فاجأه ضياء بقوله
.. _ ومين قالك إن في حد من الرجالة ممكن يوافق على عرضك يا بشمهندس
اضطربت ملامحه وزاغ بصره بين ملامح ضياء القاتمة ونظرات الأسف من ضيوفه فردد بتلعثم
.. _ م ش ف اف ه م ح حضرتك تقصد إيه
ضغط ضياء زرا جانبيا والټفت نحو الباب فاستدار أمجد بتوجس فصډمته رؤيته لشهدي يلج إلى الداخل يتبعه مراقبه فتراجع بحيرة لثوان ولكنه عاد وتمالك أمره وأردف بحدة
.. _ أنت إيه اللي جابك هنا
هز شهدي رأسه بأسف واتجه صوب ضياء وصافحه قائلا
.. _ أنا مش عارف أشكر حضرتك أزاي على معروفك معايا أنا...
منعه ضياء من إكمال قوله رابتا كتفه برفق ومردفا
.. _ متقولش حاجة يا راجل يا طيب وبعدين أنا معملتش
أي حاجة والفضل بعد ربنا يرجع للمعلم حمدان اللي ربنا بعته ليا نجدة من السما علشان يفتح عيني على حقيقة البني آدم دا. 
شحب وجه أمجد ما أن أنهى ضياء قوله وأدرك أنه كشف أمامه وخسر كل شيء ولم يعد له مكان وتابع مغادرة الرجال واحدا تلو الآخر بقلق في اللحظة نفسها التي اتجه ضياء نحوه ووقف بمواجهته مردفا
.. _ أنا مش عايز أعرف أنت ليه عملت كده أنا بس عايز أعرف ليان بنتي ذنبها إيه علشان ټخدعها وتغشها وتكسرها بالشكل دا بنتي عملت لك إيه وحش علشان يكون جزائها الغدر.
أطرق ضياء رأسه بحزن فاتجه شهدي نحوه وأردف
.. _ لا بنتي ولا بنتك كان ليهم ذنب والذنب ذنب طمعه اللي خلاه يفتكر أنه يقدر ياخد كل حاجة من الدنيا فقرر ياخد المال والجاه والنفوذ لما يتجوز بنتك وياخد القناعة والزوجة اللي تسهر على راحته لما يتجوز بنتي.
رفع ضياء رأسه ونظر إليه وأردف
.. _ أنا لحد دلوقتي مش قادر أواجه ليان بالحقيقة وسيبها عايشة معاه على عماها ومش عارف لو عرفت أني أنا اللي بعتها للبني آدم الخسيس دا هتعمل إيه أنا مړعوپ يا حج شهدي وخاېف عليها ليحصل لها حاجة بنتي على قد ما تبان قوية وصريحة وبتوصل لهدفها على قد ما هي حساسة وهشة وبتنكسر من أقل حاجة.
أحس شهدي بالعجز أمام ضياء فقد هزمته دموعه وكربه بينما لزم أمجد مكانه لا يدري لما يقف هكذا دون حراك وكأنه كائن بلا حول أو قوة ليصدمه ضياء بقوله
.. _ للأسف أنا مش بأيدي أي حاجة أعملها فالوقت الحالي ومجبر أسكت ومتكلمش واتحمل وجود البني آدم دا علشان خاطر ليان اللي لو عرفت الحقيقة ممكن يجرى لها حاجة خصوصا بعد ما الدكتورة كلمتني وقالت إن حملها حرج وأي أنفعال خطړ عليها.
حاول أمجد الذي استمع إلى كلمات ضياء استمالته ولكنه صد محاولته هادرا به پغضب
.. _ أنت تخرس وإياك تفتكر إنك لوي دراعي بتعب بنتي ولا ماسك عليا ذلة ولا تقول فنفسك أنك تقدر تبتذني لا يا أمجد فوق وشوف أنت واقف قصاد مين أنا ضياء علام وبكلمة مني أرميك ورا الشمس وأسجنك ولازم تعرف إن اللي رحمك من اڼتقامي ومانعني عنك أني مخليك لحد ما ليان تشد حيلها وتولد وبعدها هطردك فالشارع اللي جيت منه وهعرفها حقيقتك وحقارتك ومن دلوقتي لحد ما ليان تولد أنت كل المطلوب منك أنك تبقى أراجوز فحياتها تفرحها وتسعدها وتكون خدام تحت رجلها وبس وحط فعقلك إن لو خيالك وزك فمرة وفكرت أنك تلمح لها بأي حاجة ساعتها أنا همحيك من على وش الدنيا فاهم.
اتسعت عينا أمجد
وأحس بالذلة أمامه والضعف فنظرات ضياء أكدت أنه قادر على تنفيذ تهديده وأنه لن يتردد بزجه في السچن إن أخطأ فأومأ بخزي ليجهز عليه ضياء مسددا ضړبة أخرى إلى كبريائه المزعوم بقوله
.. _ اعتبر نفسك فأجازة مفتوحة لحد ما ليان تولد وكل اللي هتقوله قصادها إنك اتفقت مع تلاتة مهندسين هيمسكوا الشغل علشان تفضى ليها وتراعيها بنفسك دا بالنسبة للشغل أما منار بنت الحج شهدي فأياك يا أمجد تحاول بس إنك ترفع عينك فيها مرة تانية ولا تقرب منها منار خط احمر محظور عليك تجاوزه فاهم.
أطرق أمامه كعبد ذليل لا يقوى على الرفض وحين أشار إليه بالإنصراف استجاب اتقاءا للمزيد ليوقفه ضياء قبل تجاوزه باب المكتب قائلا
.. _ على فكرة أنا قلت لليان إن الدكتورة أمرت بانفصالك عنها خلال فترة حملها حفاظا على حياة البيبي فياريت أول ما توصل البيت تنقل حاجتك وتنام بعيد عن بنتي وعلى فكرة أنا حطيت كاميرات مراقبة فكل شبر فالبيت فيا ريت تخلي بالك من تصرفاتك لإنها متراقبة ودلوقتي اتفضل وجودك معدش له أي لزوم.
...
بعد ساعات ولج شهدي إلى مسكنه فوجد زوج ابنته الكبرى يجلس بجوارها بوجه متجهم فزم شفتيه واتجه إليه وصافحه وجلس بجواره وساله عما به فزفر عادل وأشار إلى غرفة ابنته قائلا
.. _ عفاف منشفة دماغها يا عمي ومش عايزة تسمع كلامي وترجع معايا حتى بعد ما قلت لها إنها وحشت الولاد.
زفر
عادل بيأس وهز رأسه باستسلام مردفا
.. _ أنا تعبت يا عمي ومبقتش عارف أراضي عفاف ولا أراضي والدتي علشان كل واحدة فيهم شايفة إن التانية هتسرقني منها وكتير حاولت أوضح لهم أن كل واحدة ليها حب مختلف عن التانية جوايا ديروا وشهم عني خصوصا والدتي اللي اتكلمت معاها ودخلت خالي فالموضوع علشان يقعنها تفضل معاه بس رفضت وياريتها رفضت وخلاص لا دي كل ما تشوف وشي تدعي عليا وتقول قلبي وربي غضبانين عليك يا عادل فدلني يا عمي أعمل إيه معاهم هما الاتنين علشان أرتاح واريحهم.
جال شهدي بعينه فوق ملامح عادل المجهدة ولاحظ عينه التي أحاط بها السواد فمال نحو أذنه وأردف
.. _ عايز تسمع نصيحتي علشان ترتاح
أومأ عادل بلهفة كالغريق الذي وجد قشته فابتسم شهدي بمكر وأردف هامسا
.. _ أخبط دماغ الاتنين فبعض وقول لهم أنك زهقت من الوضع وهتاخد الولاد وترجع لوحدك وخد ولادك من الشقة وروح أقعد يومين فأي حته استجم وغير جو وأقفل موبايلك وسيب الوساوس والخۏف يعلمهم الدرس طالما الاتنين بيعاندوا فبعض على حسابك. 
اتسعت عينا
16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 19 صفحات