جراح الماضي بقلم سارة زعبلاوي
ممكن تقبلي عرضي عشان محسش بالذنب!
قالها بتأثر مصطنع لتنظر له بتساؤل فيردف هو قائلا
طبعا انتي ليكي جلسات محددة مع بابا فتسمحيلي اوصلك انا لما تروحي
هزت رأسها بالرفض و قالت
انا مقدرة احساسك يا استاذ حسام و شكرا لاهتمامك طبعا بس انا هخلي حد من اخواتي يوصلني
عشان خاطري أقبلي عرضي يمكن اعوضك شوية عن كسر رجلك
و انا موافقة كفاية بس انك ابن دكتور محسن
ابتسم بانتصار و ساعدها للوصول إلي باب منزلها و دلفت إلي الداخل بمساعدة الخدم
مرت الايام و خطته تسير علي ما يرام
يعبث هو بأوتار قلبها ليعزف ألحان العشق و ينتعش قلبها بهذا الشعور الذي يراودها لأول مرة بينما هو يضع قضبان علي قلبه و يحصنه جيدا ضد الحړب الذي شنتها بقلبها البريء علي قلبه الذي لا يعرف الرحمة و لا الحب!!
ظل يلح في الطلب علي حسام أن يقوم بخطبة نور
و بالفعل لم يمر سوي شهر علي خطبتهما و كان حفل زفافهما
أصبحت زوجته رسميا تزوجت بمن قتل والدها و أيضا خطط لإيقاعها في شباكه و هي تظن أنه يحبها!!
مر عامان علي زواجهما و بدأ حسام ذلك الشخص الرومانسي المرح يتحول إلي شخص البرود هو عنوانه الأساسي
حتي والدتها لم تعرف شيء عن ما يفعله معها
حتي أنه احيانا يبيت خارج المنزل و أحيانا يمر عليها ايام لا تراه
فكرت أن تأتي له بطفل عله يكون سبب في عودته كما كان
و لكن بدلا من أن تصلح هذا الواقع السيء دمرته بمعرفتها أنها عقيمة غير صالحة للإنجاب
كم علمت بخيانته لها العديد من المرات و واجهته و لم ينكر بل أصر علي ما يفعله
و لكنها فاض بها الكيل و نفذ صبرها فتركت المنزل و توجهت لوالدتها
قصت عليها كل شيء فعله معها علي مدار السنوات و لم يكن من والدتها سوي الصمت و اقناعها بعدم طلب الطلاق
لكنها كانت دائمة الزيارة لمحسن سواء في عيادته أو في القصر
حتي علمت بزواج حسام من هذه الحية سما
و ها هو آخر حبل يربط بينها و بينه قطع للأبد
و لكن كأن القدر يرفض ابتعادهما ليكشف لها حقيقة أمره
عاد لها يطلب السماح و العفو لتعود الحياة بينهما مرة أخري و لكن هذه المرة القدر سيعانده و ستنقلب الأمور ضده!!!
سارت الايام و عادت
الحياة لطبيعتها لأنها لا تقف علي فراق أحد
عادت ليلي لعملها مرة أخري علها تتناسي فراق والدتها الحبيبة
و دخلت إلي غرفة مكتبها و منها إلي غرفة مكتب فارس
لم تجده بها
رغم أنها وجدت سيارته مصفوفة أسفل المشفي!!
خرجت نحو السكرتير الخاص بهما قائلة
فين دكتور فارس يا مراد!
هو قالي أنه هيمر علي المړضي يا دكتور
طيب شكرا يا مراد!!
اتجهت للخارج باحثة عنه لم تجده في أي مكان في المشفي
كادت أن تجن و هي تفكر أين من الممكن أن يكون قد ذهب! و لسوء الحظ هاتفه مغلق
و بين ثانية و الأخري هرولت و هي تتخيل أين من الممكن أن يكون الآن!!
عم صلاح فارس جوة صح!
قالتها و هي تحاول تنظيم أنفاسها ليرد الآخر
ايوة و الله يا دكتور حاولت امنعه يدخل لهند هانم بس مقدرتش!!
زمت شفتيها بقلق و
اتجهت نحو الباب و أدارت المقبض بهدوء و هي متخوفة من رد الفعل التي ممكن أن تتلقاها من فارس
خصوصا أنهما أمام هند و التي تحسنت حالتها في الفترة الأخيرة و لا تريدها أن تتدهور مرة أخري برؤيتها لشجارها هي و فارس
لكنه دائما ما يخالف توقعاتها
وجدته جالس بجانبها علي الفراش يداعبها و هي مستجيبة له بشدة!!
صوت ضحكاتها الطفولي يتعالي لتملئ الأجواء بهجة و سرور
سارت بهدوء متجهة نحوهما و هما لا يشعران بها ارتسمت ابتسامة تلقائية علي شفتيها بسبب مظهرهما المبهج التي ظلت تحلم به طوال السنوات السابقة و ظنت انه لن يتحقق ابدا
وضعت كفيها بهدوء علي كتف فارس الجالس علي الفراش بجوار هند!!
نظر لها بتعجب فهو كان يظن أنه بعد ما فعله أمام الجميع انها لن تريد رؤيته مرة أخري خصوصا أنهما لم يتحدثا من ذلك اليوم!!
ازيك يا هند
قالتها ليلي بسعادة و هي
لتبتسم هند و هي تشير إلي فارس و كأنها تقول لها أنها سعيدة بسببه
نظرت لها ليلي ثم عاودت النظر إلي فارس و قالت
دة فارس
صمت هو متابعا الحوار الدائر بينهما لتحاول هند نطق اسمه
فف فا
و لكنها فشلت كالعادة فهي بسبب العزلة و حالتها النفسية المتدنية لم تتعلم الحديث و لا النطق!!
مازالت كالطفل الصغير تريد تعلم الحديث
مش بتعرف تتكلم ليه يا ليلي!
قالها فارس ناظرت لها بلوم لإهمالها ابنتها فاخفضت رأسها هاربة من عينيه و قالت
طبيعي يا فارس هي مخرجتش من الاوضة دي من ساعة ما اتولدت و بعدين خد بالك هي مدركة اللي احنا بنقوله
هز رأسه متفهما لحديثها ثم قبل هند بحب شديد و ضمھا إليه بقوة لتبادله هي الأخيرة العناق
هرجعلك تاني يا دودو ماشي يا حبيبتي
تفوه بها فارس لتهز هند رأسها موافقة علي حديثه
نظر نحو ليلي قائلا
يلا يا ليلي عايز اتكلم معاكي شوية!
أومأت لها بالموافقة و اتجها معا للخارج ليقول هو بابتسامة
شبهك اووي علي فكرة!!
ابتسمت بتلعثم مازالت تتوتر من حديثه المعسول
مازال قلبها يخفق من تواجدها معه في مكان واحد!!
مازال حبه يتزايد في قلبها رغم الفراق
شوفي يا ليلي احنا محتاجين نتفاهم في موضوع هند دة لأني شايف من ناحية الحالة الصحية مفيش حاجة تستدعي وجودها في المستشفي و خلاص الموضوع اتعرف يبقي ملهوش لازمة وجودها في المستشفي و لو انتي مش عايزاها معاكي أخدها انا!!
لا طبعا يعني اية مش عيزاها معايا دي بنتي!!
و الله و هي دلوقتي بنتك و قبل كدة مكنتش بنتك!
متغيرش الموضوع يا فارس قبل كدة الوضع كان مختلف و بعدين انت عايز تاخدها معاك فين في بيتك اللي انت قاعد فيه مع الحرباية دي!!
ابتسم و رفع حاجبه الأيسر بمشاكسة و قال
انتي لسة بتغيري يا ليلو و لا إية!
لم تجيبه بل أدارت وجهها لناحية الأخري فضحك هو قائلا
لا بس ملكيش حق دي مش واحدة تغيري منها و بعدين انتي اللي في القلب بس!!
ستجن منه و من أفعاله البلهاء تلك
سيطرت عليها الغيرة فأمسكت بطرف قميصه قائلة بغيظ
هو انت عايز تجنني و لا إية انا اللي في القلب بس ازاي اومال دي كانت بايتة في سريرك بتعمل اية يا حبيبي!
نظر لها بذهول و هو يحاول السيطرة علي حاله حتي
لا يضحك و يثير ڠضبها أكثر فقال
آية دة يا ليلي اية اللي انتي بتعمليه دة!!
سمعت صوت ضحكات من خلفها فاستدارت لتجد الممرضات يتضاحكن علي مظهرها و امساكها ل فارس كالمچرم هكذا
هدرت فيهن پغضب قائلة
بتضحكي علي اية
انتي و هي اتفضلوا علي شغلكم!!
هرولن من أمامها لأنهن يعرفن انها عندما ينتابها الڠضب تتحول لوحش كاسر
استدارت الي فارس الذي يستمتع بالعرض التي تقدمه هي له فقالت و هي تمسك بتلابيب قميصه
عارف لو مبطلتش تستفزني يا فارس
آية هتكليني و لا إية!
لا هتزعل مني جامد و خليك فاكر كلامي عشان انت علمتني أن اللي بيعمل مبيقولش!!
ثم تركته و ذهبت و بالرغم من چنونها هذا إلا أنه استمتع تماما بما فعلت يكفي انه استشعر غيرتها عليه!!
بينما هي ظلت تسير في الردهات مفكرة في القادم من علاقتهما هل ستقبل العودة إليه و هل ستسير حياتهما كما في السابق أن عادت إليه و هل سيسامحها و ينسي ما فعلته به في الماضي!!
نظرت إلي إحدي الشرفات الزجاجية التي تطل علي غرفة إحدي المړضي
إنه ذاك المنعزل الرافض للحياة!!
مر الوقت و هو ليس في صالحه لابد أن تصارحه بمرضه
طرقت باب غرفته بهدوء و لكنها لم تسمع الأذن بالدخول
فاضطرت أن تدخل دون أذن منه وجدته جالس أمام شرفته بهدوء اقتربت منه قائلة
صباح الخير ازيك يا استاذ سمير!!
نظر لها بلا مبالاة و قال
صباح النور يا دكتورة
وقفت أمامه و هي تقول
ازيك النهاردة حاسس انك احسن!
الحمد لله بس عندي صداع مبيروحش
فركت كفيها بتوتر و قالت
و انا جيالك النهاردة عشان الموضوع دة الصداع دة سببه أن حضرتك عندك سړطان في المخ و النخاع الشوكي!!
لم تتأثر ملامحه بينما ظلت جامدة كما
هي تلعثمت ليلي من رد فعله هذا و قالت
احم شوف يا استاذ سمير بما ان حضرتك متقدم في السن فالكيماوي نسبة تأثيره هتكون ضعيفة جدا و ممكن ميبقاش ليها فايدة فهنضطر نلجأ للجراحة و عشان مكدبش برضو علي حضرتك السړطان اللي عندك خبيث يعني ممكن يكون
منتشر بنسبة كبيرة في جسمك و العملية هتبقي نسبة نجاحها 50 و لو منجحتش ممكن حضرتك تتشل!!و طبعا مش هنقدر نسيطر علي باقي السړطان المنتشر في الجسم
هنا اجهش سمير في بكاء يقطع نياط القلب
ارتسمت أمامها صورة والدها لم تتحمل هذا فچثت علي ركبتيها أمامه قائلة بشفقة
اهدي بس يا استاذ سمير دي حكمة ربنا!!
لا لا دة عقاپ ربنا ليا علي اللي كنت بعمله في الناس!!
قطبت حاحبيها باستغراب من حديثه و قالت
اهدي لو سمحت بس كدة احنا ما صدقنا حالتك تتحسن!!
خلاص انا مش عايز حاجة من الدنيا دي غير أن ربنا يرحمني و يغفرلي قبل ما اموت يا رب سامحني يا رب!!
انت ممكن تعتبرني زي بنتك و تحكيلي يمكن دة يخفف عنك شوية!!
نظر لها و قال
احكيلك اية بس و لا إية اقولك ان انا كنت أكبر تاجر أعضاء في مصر اقولك اني ياما اتسببت في مۏت ناس و أطفال بريئة ملهمش ذنب و لا اقولك ان حتي الناس المېتة مرحمتهمش و كنت بفضيهم من أعضائهم بعد ما يموتوا و كل دة عشان اية عشان الفلوس ملعۏن الفلوس اللي تخليني اتاجر في أرواح البشر انا اللي بيحصلي دة قليل المفروض ربنا يعاقبني اكتر من كدة!!
أتعلمون الصدمة الذي تجتاحكم من حديث شخص ما و تلجم ألسنتكم لدرجة انكم تستغرقون وقت ليس بالقليل لاستيعاب ما يقول!!
هذه هي حالة ليلي الآن لم تتوقع أبدا أن تكون قصته هكذا فأكمل هو منتحبا كالأطفال
حتي ولادي اتبروا مني لما عرفوا حقيقتي رفضوني و مراتي اتخلت عني ايوة فضلت تبقي معاهم عشان خاڤت علي نفسها لېقتلوها!!
طيب و اية اللي خلاك تعمل كدة اصلا اية اللي وصلك للمرحلة دي!!
الفقر وحش صدقيني ممكن متحسيش باللي انا